مفوضية حقوق الإنسان تثمن نشر التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة
في بيان لها أصدر اليوم الخميس 25 جوان 2020، هنئ مكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان بتونس الحكومة التونسية لمبادرتها بنشر التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، والتي تندرج في إطار الجهود التي تبذلها تونس من أجل تفعيل مسار العدالة الانتقالية.
وفي ما يلي نص البيان:
"لقد انخرطت تونس غداة الثورة في مسار شامل للعدالة الانتقالية، يرتكز على الآليات الأربعة التالية: كشف الحقيقة، العدالة، جبر الضرر وضمانات عدم التكرار بغاية معالجة انتهاكات الماضي.
لقد قدمت هيئة الحقيقة والكرامة في نهاية عهدتها، بتاريخ الحادي والثلاثين من ديسمبر 2018 تقريرها الختامي وقدمت توصيات من شأنها إصلاح المؤسسات، ومراجعة المنظومة القانونية والتشريعية وبالتالي ضمان عدم تكرار الانتهاكات المرتكبة في السابق.
وحسب القانون عدد 53 لسنة 2013 والمتعلق بإرساء منظومة العدالة الانتقالية وتنظيمها، يقع على كاهل الحكومة التونسية نشر تقرير هيئة الحقيقة والكرامة، كما من واجبها الانخراط بكل جدية ومرورا عبر استشارات موسعة وجامعة، وفي أجل سنة من تاريخ النشر بالرائد الرسمي، في إعداد خطة عمل هدفها تفعيل التوصيات المقترحة من قبل هيئة الحقيقة والكرامة، ومن ثمة عرضها للنقاش صلب البرلمان، حسب ما يقتضينه القانون.
كما أنه من المهم أن يتعمق وعي المجموعة الوطنية بأهمية مسار العدالة الانتقالية وبالمضامين الأساسية للتقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة، والتي من شأنها تدعيم مكاسب الثورة، بالإضافة إلى بناء حوار مفتوح وسلس حول الماضي. إن هذا الحوار كفيل بإثراء الذاكرة الجماعية والمساهمة في حفظها، كما أنه يمتن أواصر الأخوة والتضامن والتسامح بين كل التونسيين.
إن الاعتراف بأخطاء الماضي وبالانتهاكات التي تعرض لها الضحايا من شأنه أن يمنحهم قوة ويخلق لهم فرصا للتعبير عن أنفسهم، والتحرك واستعادة مكانتهم في المجتمع. إن للعدالة الانتقالية القدرة على لم شمل كل مكونات المجتمع، بما في ذلك الضحايا والمسؤولين عن الانتهاكات. ويمر هذا حتما عبر عملية كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات، الأمر الذي يدعم حظوظ مجتمع عاش تحت وطأة الدكتاتورية، أوفي ظل صراع معين، من العيش مجددا، في مناخ ملئه التسامح، وقبول الآخر والتعايش المشترك في إطار سلم وأمن دائمين.
إن تحقيق السلام الدائم يستدعي تحديد مجمل المشاكل المتعلقة بالتمييز وعدم المساواة والتهميش والإفلات من العقاب الهيكلي ثم الاعتراف بها ومعالجتها على النحو المناسب. ومن أجل عدم تكرار أحداث وانتهاكات الماضي فإنه من الضروري القيام بإصلاحات إدارية واقتصادية وأمنية وقضائية وكذلك إصلاحات مجتمعية وتعليمية وثقافية. ولكي تكون هذه الإصلاحات دائمة وفعالة وناجعة لا بد أن تكون قادرة على تغيير المجتمع ومعالجة اوجه الانقسام وتخفيف حدة الاختلافات وكذلك تقوية الروابط الاجتماعية.
يرحب مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بقرار الحكومة التونسية نشر التقرير النهائي لهيئة الحقيقة والكرامة بالرائد الرسمي والذي يدل على انها مستمرة في إعتبار مسارالعدالة الانتقالية حجر الزاوية في عملية الانتقال الديمقراطي. ويبين تجدد التزامها بمواصلة التنفيذ الفعلي لمسار العدالة الانتقالية في تونس. إن الحكومة التونسية توجه من خلال نشر التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة رسالة إلى الضحايا والمجتمع التونسي والدولي حول تصميمها على المعالجة الصحيحة لانتهاكات الماضي وأوجه عدم المساواة بين الأشخاص وبين المناطق واعتزامها تحقيق العدالة للضحايا، ومكافحة الإفلات من العقاب بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وكذلك اتخاذ التدابير المناسبة من اجل عدم تكرارها.
لا يزال مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في تونس منذ تركيزه في 2011 يقدم كل دعمه لمسار العدالة الانتقالية في تونس كمسار وطني، مبني على حقوق الإنسان وفق منهج يولي الأهمية القصوى للضحايا. ولقد قدم المكتب في الفترة الفاصلة ما بين عامي 2014 و2018 دعمه لهيئة الحقيقة والكرامة وللدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية التي تقوم منذ 2018 بالنظر في قضايا تتعلق بأكثر من 1500 ضحية انتهاك جسيم لحقوق الإنسان. وقدم المكتب أيضا دعمه لجهود وأنشطة المناصرة التي تقوم بها منظمات الضحايا والمجتمع المدني من أجل تعزيز مشاركتهم في المسار.
إن المكتب على استعداد لمواصلة دعم الحكومة التونسية والضحايا ومنظمات المجتمع المدني من أجل المضي قدما في مسار العدالة الانتقالية لتمكين تونس من تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون وضمان احترام حقوق الإنسان للجميع."